1) أفضل صيام التطوع :
يُسنُّ صوم التطوع , وأفضله أن يصوم يوماً ويفطر يوماً؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا...) [رواه البخاري ومسلم] .
2) ما يستحب صيامه من الأيام :
أ - يستحب صوم ثلاثة أيام من كل شهر, ويستحب أن تكون أيام البيض؛ وهي يوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِثَلاثٍ: صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ) [رواه البخاري ومسلم] . ولحديث أبي ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يَا أَبَا ذَرٍّ ! إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَصُمْ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ) [رواه الترمذي والنسائي بإسناد حسن].
وسميت هذه الأيام بيضاء ؛ لأنها تبيضُّ ليلاً بالقمر , ونهارًا بالشَّمس .
ب - يستحب صوم يوم الاثنين والخميس؛ لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: (إِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : إِنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تُعْرَضُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ) [رواه أبو داود بإسناد صحيح] .
ج - يستحب صوم ستة أيام من شوال؛ لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ) [رواه مسلم] .
د - يستحب صوم شهر الله المُحرَّم؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ) [رواه مسلم] .
هـ - ويتأكد استحباب صوم يوم عاشوراء – وهو يوم العاشر من محرَّم -؛ لأنه يُكفِّرُ سنة كاملة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ) [رواه الترمذي وابن ماجة بإسناد صحيح] .
و - يستحب صوم التسعة أيام الأولى من ذي الحجة؛ لحديث هُنَيدَة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قالت: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِى الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ...) [رواه أبو داود بإسناد صحيح].
ز - ويتأكد استحباب صوم يوم عرفة – وهو يوم التاسع من ذي الحجة – ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِى بَعْدَهُ) [رواه مسلم] . إلا في حق الحاج فيستحب له الفطر يوم عرفة ؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم .
3) ما يكره صيامه من الأيام :
أ - يكره إفراد شهر رجب بالصوم؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يُعظِّمونه, وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه (أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ أَكُفَّ الرِّجَالِ فِي صَوْمِ رَجَبٍ حَتَّى يَضَعُونَهَا فِي الطَّعَامِ وَيَقُولُ: رَجَبٌ وَمَا رَجَبٌ، إِنَّمَا رَجَبٌ شَهْرٌ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلامُ تُرِكَ) [رواه الطبراني في الأوسط وابن أبي شيبة وإسناده صحيح] .
- فإن أفطر فيه يوماً أو عدة أيام زالت الكراهة, قال ابن قدامة رحمه الله : «قال أحمد: وإن صامه رجل أفطر فيه يوماً أو أياماً بقدر ما لا يصومه كله» [المغني (3/105)] .
ب - يكره صيام يوم الجمعة منفرداً ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول : (لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلاَّ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ) [رواه البخاري ومسلم] .
ج - وكذلك يكره صيام يوم السبت منفرداً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلاَّ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ ...) [رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح] . ولأنه يوم تُعظِّمه اليهود ففي إفراده تشبه بهم.
- فإن صام معه غيره لم يُكْره؛ لحديث جُوَيرِيَة بنت الحارث رضي الله عنها – أم المؤمنين – (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ: أَصُمْتِ أَمْسِ؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟ قَالَتْ: لا. قَالَ: فَأَفْطِرِي) [رواه البخاري] .
- وكذلك إذا وافق يوم السبت يوماً اعتاد على صيامه كيوم عرفة ويوم عاشوراء فلا كراهة حينئذٍ ؛ لأن العادة لها تأثير في ذلك .
د - يكره صوم يوم الشك (وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم يكن في السماء غيم, أو غبار ولم يتراءى الناس الهلال)؛ لقول عمار رضي الله عنه : (مَنْ صَامَ اليَومَ الِّذِي يَشُكُّ بِهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ) [رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح] .
إلا إذا وافق هذا اليوم يوماً تعوَّد الشخص صيامه؛ كيوم الاثنين أو الخميس ونحو ذلك، فلا كراهة حينئذٍ ؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: (لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ) [رواه البخاري ومسلم] .
4) ما يحرم صيامه من الأيام :
أ - يحرم صوم يوم العيدين؛ لحديث أبى هريرة رضى الله عنه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمَيْنِ: يَوْمِ الأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ) [رواه البخاري ومسلم واللفظ له].
ب - يحرم صوم أيام التشريق (وهي يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة) ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) [رواه مسلم] .
* تنبيـه :
- إذا صام الإنسان يوماً تطوعاً لم يجب عليه إتمامه ؛ لحديث عائشة رضي الله عنه قالت: (قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ : يَا عَائِشَةُ هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْءٌ ؟ قَالَتْ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَىْءٌ. قَالَ : فَإِنِّى صَائِمٌ , قَالَتْ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَأُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ - أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ (أي زائرون) - قَالَتْ : فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَتْ لَنَا هَدِيَّةٌ - أَوْ جَاءَنَا زَوْرٌ - وَقَدْ خَبَأْتُ لَكَ شَيْئًا. قَالَ « مَا هُوَ ». قُلْتُ حَيْسٌ قَالَ : هَاتِيهِ , فَجِئْتُ بِهِ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ : قَدْ كُنْتُ أَصْبَحْتُ صَائِمًا) [رواه مسلم] .
والحيس : هو الخليط من التمر والسمن والأقط .
- أما إذا صام صوماً واجباً ؛ كقضاء رمضان أو صيام كفارة , أو نذر ونحو ذلك فيجب عليه أن يُتمَّه , ولا يجوز له أن يخرج منه بغير عذر ؛ لأنه واجب في ذمته , وقد تعين بدخوله فيه , فوجب عليه أن يتمه حتى تبرأ ذمته , ويخرج من عهدته . إلا إذا قلبه تطوعاً فحينئذٍ يثبت له حكم التطوع .
|